تصف منظمة الصحة العالمية إدمان الألعاب بأنه “نمط مستمر أو متكرر من ضعف التحكم الزمني في ألعاب الفيديو مما يؤدي إلى زيادة التركيز على الألعاب على اهتمامات الحياة الأخرى والأنشطة اليومية واستمرار اللعب على الرغم من وجود عواقب سلبية.”
عارض صانعو الألعاب القرار في ذلك الوقت في صناعة يتوقع أن تتجاوز 500 مليار دولار بحلول عام 2028.
تعتقد الدكتورة فهدة العريفي ، استشارية متخصصة في تعديل السلوك ، أن إدمان ألعاب الفيديو أصبح “ظاهرة سلبية” تنتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم.
وقالت إن معدلات إدمان ألعاب الفيديو آخذة في الارتفاع بسبب “التطور التكنولوجي المتسارع والمنافسة المتزايدة بين شركات ألعاب الفيديو لجذب أكبر عدد من المشتركين ، بحسب (الحرة)”.

المخاطر العقلية والصحية
يعتقد الخبراء أن هذه الألعاب يمكن أن تسبب مشاكل صحية ونفسية واجتماعية خطيرة للمدمنين الذين يقضون ساعات طويلة كل يوم أمام هذه الأجهزة.
قال المستشار النفسي الدكتور باسم بدر إن إدمان ألعاب الفيديو يمكن أن يؤدي إلى أمراض نفسية وجسدية لدى الإنسان.
وأضاف: «نفسياً يسبب أمراضاً مثل القلق والاكتئاب، وعضوياً من الممكن أن يؤدي الإدمان إلى أمراض عدة، مثل السكري والضغط والأمراض الروماتيزمية».
كما يؤدي إدمان اللعب إلى فرط في الانتباه، مما يزيد من فرص حدوث نوبات الصرع لدى الأطفال على وجه الخصوص، حسبما يقول الدكتور بدر. وتابع: «قد يضعف (الإدمان) القدرة على التركيز، فضلاً عن ضياع الوقت وانقطاع الأوقات الأسرية، والتأثير في العلاقات الاجتماعية الطبيعية… كذلك التأثير في القدرة على النوم».
ويلعب أكثر من ملياري شخص ألعاب الفيديو في جميع أنحاء العالم، وفقاً لمنصة «غيم كويترز» (Game Quitters)، التي تضم مجتمع دعم لأولئك الذين يرغبون في الإقلاع عن ممارسة ألعاب الفيديو واستعادة حياتهم الطبيعية.
وبحسب المنصة ذاتها، فإن 3 إلى 4 في المئة من هؤلاء اللاعبين يعتبرون مدمنين على ألعاب الفيديو، وقدّرت – بشكل متحفظ – أن 60 مليون شخص حول العالم مدمنو هذه الألعاب بالفعل.

من هم المدمنون؟
وفق خبراء، تعد أهم سمة لمدمن ألعاب الفيديو هي إهماله الأشياء الضرورية الواجبة عليه، سواء كان ذلك عملاً أو دراسة أو حتى علاقته بأسرته.
ويقول خبراء إن المدمن لهذه الألعاب «يقضي وقتاً طويلاً في اللعب، ولا يزال يرى أنه بحاجة إلى المزيد من الوقت لمواصلة اللعب».
كذلك، يمكن تعريف المدمن وتحديد مرضه حال «الشعور بالتوتر والاضطراب الشديدين عند عدم التمكن من اللعب، كتلك الحالة التي تجتاح مدمن المخدرات عندما لا يحصل على جرعته».
وكذلك من يسهرون لساعات متواصلة قد تمتد إلى يومين ويصرفون أموالاً طائلة لشراء الألعاب باستمرار وتطويرها.
لماذا يدمن الإنسان عليها؟
من المرجح أن يتجاوز عدد الأشخاص الذين يمارسون الألعاب الإلكترونية 3 مليارات بحلول عام 2023، بحسب منصة «غيم كويترز»، التي قالت إن ازدياد عدد اللاعبين من شأنه أن يزيد أيضاً نسبة المدمنين لهذه الألعاب.
ويرجع الخبراء أسباب لجوء الأشخاص إلى هذه الألعاب وإدمانهم عليها إلى خمسة عوامل رئيسية هي:

1- الشعور الذي تمده به الألعاب من نشوة والإحساس بالقوة والتحكم، والذي قد يفتقده الشخص في الواقع.
2- قد يكون هذا الشخص يتعرض إلى التنمر أو العزلة في واقعه لأسباب مختلفة، مما يجعله يفرغ طاقته في العالم الافتراضي، ويصبح ذلك العالم واقعه.
3- نجاح هذه الألعاب في تبديد الشعور بالوحدة والفراغ الذي قد يعاني منه كثير من الأشخاص، خصوصاً المراهقين.
4- التحديث والتطوير المستمران اللذان تقوم بهما شركات إنتاج الألعاب الإلكترونية والتسويق القوي لمنتجاتها، مما يكون عامل إغراء وجذب قوي للمتلقي، بالإضافة إلى شعور بعض الأشخاص بحالة من الانتماء وروح الفريق لهذه الألعاب الإلكترونية، وأن تطويرها جاء تلبية لرغباتهم وطلباتهم مما يزيدهم تعلقاً بها.
5- أهم مسبب لإدمان الألعاب الإلكترونية، خصوصاً بالنسبة للأطفال والمراهقين، هو التفكك الأسري أو إهمال الأسرة التواصل مع أبنائها، ووضع الحدود والضوابط التي تساهم في الحد من إدمانهم ومنحهم الحرية المطلقة في استخدامها، مما يجعل من الصعب السيطرة عليهم أو توقفهم عنها.

فوائد محتملة
في المقابل، يملك اللاعبون وجهة نظر مغايرة، ويقولون إن هذه الألعاب تحقق لهم فائدة من خلال بناء مهارات جديدة، وتعزيز طرق التواصل وعوائد اقتصادية.
ويعتقد %97 من الأميركيين الذين يلعبون ألعاب الفيديو أنها «مفيدة بشكل ما»، فيما يرى %89 منهم أنها «مفيدة لبناء المهارات»، بحسب تقرير جمعية برمجيات الترفيه الأميركية.
ولكن هناك خيطاً رفيعاً بين الممارسة المعقولة للألعاب الإلكترونية التي «من الممكن أن يكون لها جانب ترفيهي وتلعب دوراً في تحسين جودة الحياة»، حسبما يقول الخبراء الذين حذروا من «اعتمادها كسلوك روتيني في الحياة، وعدم الاستغناء عنها، بإعطائها مساحة كبيرة من الوقت».
