جولة خليجية تاريخية ضخمة للرئيس التركي برفقة رجال أعمال, يعتقد خبراء عرب أن زيارة الرئيس التركي أردوغان للسعودية وقطر والإمارات في الفترة من 17 إلى 19 يوليو من هذا العام هي انتقال من تطبيع العلاقات إلى تعزيز التعاون.
وفي حوار مع وكالة الأناضول ، قال خبراء إن الزيارة ستركز على التعاون الاقتصادي الأوسع بالإضافة إلى قطاع الصناعة الدفاعية المشهور في تركيا ، مؤكدين أنه سيكون لها تأثير إيجابي على علاقات تركيا الشاملة مع الدول العربية.
وتأتي الزيارة في أعقاب فترة تحضيرية تشمل زيارات كبار المسؤولين الأتراك إلى الدول الثلاث استعدادًا للمحادثات خلال أول رحلة للرئيس أردوغان إلى الخارج منذ إعادة انتخابه لولاية مدتها خمس سنوات في مايو الماضي.
الجولة الكبيرة للرئيس التركي اردوغان لدول الخليج
اتخذ خطوة للامام
وقال علي بكير ، أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون بجامعة قطر ، إن “زيارة الرئيس أردوغان تأتي على خلفية إعادة انتخابه وترسيخ مكانته محلياً وإقليمياً ودولياً”.
وتابع: “هذا أيضًا بعد انضمام السويد إلى حلف الناتو وتوصلها إلى اتفاق مقابل تنازلات قدمتها أوروبا والولايات المتحدة لتركيا ، والتي تبدو متناسبة مع مطالب تركيا ومنطلقاتها”.
وبعد نحو عام من انتقادات أنقرة لتساهل ستوكهولم مع أنشطة جماعات معادية لتركيا، لاسيما تنظيم “بي كا كا” الإرهابي، قرر أردوغان قبل أيام إحالة طلب السويد الحصول على عضوية الحلف إلى البرلمان التركي للتصويت عليه.
باكير أردف أن “الزيارة تأتي أيضا في سياق تمتين العلاقات التركية الخليجية والدفع بها قدما إلى الأمام على المستويات السياسية والاقتصادية والدفاعية والأمنية، خاصة وأنها تأتي بعد تطبيع كامل للعلاقات بين تركيا ودول مجلس التعاون الخلجي، وعلى رأسها الإمارات والسعودية”.
وتابع: “أعتقد أننا نشهد مرحلة انتقال من التطبيع والتعاون إلى توثيق التعاون والدفع به خطوة إلى الأمام، وستركز الزيارة على المكاسب المشتركة لجميع الأطراف فيما يتعلق بالاقتصاد والاستثمار والتجارة والسياحة والطاقة”.
“وبالإضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك والتي تصب في مصلحة الطرفين، ستشمل الزيارة أيضا مناقشة تعاون أكبر على المستويين الدفاعي والأمني، وأعتقد أنها ستعزز موقف كل من تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي على المستوين الإقليمي والدولي”، وفق ما أضاف باكير.
قال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، نائل أولباك، إن أكثر من 200 رجل أعمال تركي في المجلس، سيرافقون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جولته الخليجية.
وتشمل جولة الرئيس التي تبدأ، الإثنين، المملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة.
وينظم مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي ثلاثة منتديات أعمال في كل من السعودية وقطر والإمارات، بمشاركة الرئيس أردوغان كجزء من جولته الخليجية.
ويعقد منتدى الأعمال السعودي التركي أعماله في جدّة في 17 يوليو/ تموز الجاري، فيما ينعقد منتدى الأعمال القطري التركي في الدوحة يوم 18 يوليو، ومنتدى الأعمال الإماراتي التركي في 19 يوليو بأبو ظبي.
العلاقات العربية التركية
متحدثا عن انعكاس أوسع لزيارة أردوغان، أعرب باكير عن اعتقاده بأنها “ستكون بمثابة قاطرة انتقال بالعلاقات التركية العربية إلى مستوى أكثر تطورا ونضجا”.
وأردف: “يوجد تطور للعلاقات التركية العربية على عدة مستويات، ومؤخرا حدث تطور على مستوى العلاقات التركية المصرية، وكل هذه المواضيع المتعلقة بالشأن الإقليمي مرتبطة ببعضها البعض، لذلك التنسيق والتعاون أمر لا مفر منه”.
وبالنسبة للعلاقات التركية القطرية، قال باكير إنها “ممتازة وتتسم بالاستقرار ويسودها طابع التحالف، لا سيما منذ عام 2014”.
جولة خليجية تاريخية ضخمة للرئيس التركي برفقة رجال أعمال
وأضاف: إن العلاقات التركية الإماراتية تتطور بشكل سريع وقوي ، لا سيما على المستويين الاقتصادي والاستثماري وكذلك على المستويين الدبلوماسي والعسكري ، وأعتقد أن الإماراتيين يتطلعون إلى تعميق العلاقات في المجالات الاقتصادية والدفاعية والأمنية. ”
وعن العلاقة بين تركيا والسعودية ، أعرب بكير عن اعتقاده بأن البلدين يسعيان إلى “تطبيع العلاقات من خلال التركيز على أسس متينة من شأنها أن تساعد في الارتقاء بالعلاقة إلى مستوى أعلى ، خاصة على المستويات الاقتصادية والتكنولوجية والدفاعية”.
وأكد أن “مجال البناء والعقار مهم جدا للجانبين … تركيا وقعت عددا كبيرا من الاتفاقيات مع دول مجلس التعاون الخليجي في المرحلة الماضية والآن هناك تعاون أكبر وأوسع”. دول الخليج في صناعة الدفاع التركية. ”
وقال بكير إن “الجانب الخليجي يتطلع إلى مناقشة مختلف أشكال التعاون مع تركيا” و “يعتقد الناس أن هناك شراكة في مجال الصناعة الدفاعية سواء كان ذلك من خلال الجمع بين الأموال والقوى العاملة والتكنولوجيا”. المكونات الفنية والأفكار الخاصة بإنشاء مصانع إنتاج أو نقل التكنولوجيا (التركية). ”
أول جولة خارجية
الكاتب والباحث اليمني ياسين التميمي، قال إنه “ليست مصادفة أن يزور الرئيس أردوغان المنطقة العربية في أول جولة خليجية (بعد إعادة انتخابه)، وليست مصادفة أن تشمل الزيارة السعودية والإمارات وقطر”.
التميمي أوضح أن “هذه الدول تحتفظ بشراكة قوية على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهناك آفاق واعدة لتطوير هذه الشراكة في ظل انفتاح البلدان الثلاثة على تطوير علاقاتها مع تركيا بالنظر إلى ما مرت به العلاقات بينها وبين أنقرة من محطات اختبرت مصداقية تركيا كشريك وحليف موثوق”.
وزاد بأن الزيارة تأتي “في ظل تقلبات خطيرة تشهدها العلاقات بين الدول على وقع تطورات جعلت أيدي الجميع على الزناد بانتظار ما قد تؤول إليه الحرب الروسية الأوكرانية (المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022) والتصعيد الغربي تجاه الصين، وفي وقت تبدو فيه المنطقة العربية بأمس الحاجة إلى مغادرة مربع العنف والصراع الذي استنزف طاقاتها ومواردها وقوض العلاقات بين بلدانها”.
موقع عاجل بلس الإخباري
ومشيدا بجولة أردوغان الخليجية، قال التميمي إنها “تتطابق مع أولويات تركيا ذات الطابع الاقتصادي والاستراتيجي، وتعبر عن حاجة مشتركة لدى الدول الثلاث لتطوير علاقتها مع السوق والاقتصاد التركيين”.
وختم بأن تطوير العلاقات يؤدي إلى “البناء على المنافع الاقتصادية في إنجاز شراكة استراتيجية تغطي احتياجات البلدان الثلاث إلى الاستفادة من الصناعات العسكرية التركية، التي أثبتت كفاءتها العالية، وهو ما عمَّق ثقة بلدان المنطقة بالسلاح التركي وفي مقدمته الطيران المسيّر والقذائف الذكية”.
تصفير المشاكل
أما الكاتب المصري ياسر عبد العزيز فقال إن “أساس زيارة الرئيس أردوغان هو الاستثمارات وسياسة تصفير المشاكل، ما يصب في صالح التنمية والرفاه”.
وأردف: “يمكن الحديث عن دعم قطري واستثمارات لتركيا، وهي ليست المرة الأولى التي تتحرك فيها الدوحة بهذا الاتجاه، فالاستثمارات القطرية (في تركيا) واضحة وكذلك الاستثمارات الإماراتية في القطاع المالي والتي دخلت رويدا إلى مجال التصنيع، والكويت لديها استثمارات”.
ومن بين قطاعات التعاون المحتمل، بحسب عبد العزيز، “الصناعات الدفاعية بين تركيا وكل من السعودية والإمارات وقطر، وهو ما ستركز عليه لقاءات الرئيس أردوغان، وبالفعل توجد علاقات بين تركيا وقطر من خلال استيراد منتجات تركية واستثمارات قطرية في تركيا”.
زيارة تاريخية تركية الى دول الخليج
وتابع: “وأحد أهداف أبوظبي أيضا مع عودة العلاقات مع أنقرة، الاستثمار في القطاع الدفاعي، إذ تبذل الإمارات جهدا كبيرا في هذا القطاع وتعمل على تطوير الشراكات واستقطاب الشركات الكبيرة”.
وشدد على أن “تركيا أثبتت جدارتها في قطاع الصناعات الدفاعية، ومنها المسيّرات، ما يجعل الإمارات تنخرط في شراكة مع تركيا في المسيّرات والمدرعات وغيرها من المشاريع”.
كما “سيتوسع مجال التعاون في الصناعات الدفاعية، فالسعودية لديها مشروع كبير وضخم ويحتاج شركات عديدة، ومن غير المستبعد أن تتوسع مجالات عمل الشركات التركية في التقنية والمقاولات بالسعودية، وستنعكس العلاقات التركية الخليجية على العلاقات التركية العربية بشكل إيجابي”، وفقا لعبد العزيز.