جدري القرود مرض ذاع صيته خلال الأيام الماضية، بعد أن سجلت بريطانيا أول حالة إصابة به في مطلع مايو الجاري، كما أعلنت أمس عن حالتين جديدتين ليرتفع عدد الإصابات بالمرض إلى 9 أشخاص، كما سجلت الولايات المتحدة إصابة بالفيروس، وتم رصد عدة حالات للمرض في إسبانيا.
وكشفت منظمة الصحة العالمية في بيان جديد لها، عن أن فيروس جدري القرود ينتقل إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، ولكن انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر.
- الظهور الأول والتفشي
كُشِف لأول مرّة عن جدري القرود بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية (المعروفة باسم زائير في وقتها) لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968، وأُبلِغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب إفريقيا، وخصوصاً في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي رُئِي أنها موطونة به، والتي اندلع فيها تفش كبير للمرض في عامي 1996 و1997.
وأُبلغ في عام 2003 عن وقوع حالات مؤكّدة من جدري القرود في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة الأمريكية، ما يشير إلى أنها أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق القارة الإفريقية، وتبيّن أن معظم المرضى المصابين به كانوا قد خالطوا كلاب البراري الأليفة مخالطة حميمة.
- كيفية الانتقال
جدري القرود مرض فيروسي نادر وحيواني المنشأ (يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان) وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها في الماضي المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدّة.
ومع أن الجدري كان قد استُؤصِل في عام 1980 فإن جدري القرود لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء إفريقيا، وينتمي فيروس جدري القرود إلى جنس الفيروسات الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري.
وقد كُشِف لأوّل مرّة عن هذا الفيروس في عام 1985 بالمعهد الحكومي للأمصال الكائن في كوبنهاجن، الدنمارك، أثناء التحري عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري في ما بين القردة.
تنجم العدوى بالمرض من الحالات الدالة عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة بعدواه أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، وقد وُثِّقت في إفريقيا حالات عدوى نجمت عن مناولة القردة أو الجرذان الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض، علماً بأن القوارض هي المستودع الرئيسي للفيروس، ومن المُحتمل أن يكون تناول اللحوم غير المطهية جيداً من الحيوانات المصابة بعدوى المرض عامل خطر يرتبط بالإصابة به.
- ينتقل من إنسان إلى آخر
ويمكن أن ينجم انتقال المرض على المستوى الثانوي أو من إنسان إلى آخر عن المخالطة الحميمة لإفرازات التنفس لشخص مصاب بعدوى المرض أو لآفاته الجلدية أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت مؤخراً بسوائل المريض أو بمواد تسبب الآفات، وينتقل المرض في المقام الأول عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادةً فترات طويلة من التواصل وجهاً لوجه، ما يعرّض أفراد الأسرة من الحالات النشطة لخطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير.
كما يمكن أن ينتقل المرض عن طريق التلقيح أو عبر المشيمة ، ولا توجد حتى الآن أيّة بيّنات تثبت أنّ جدري القردة يمكنه الاستحكام بين بني البشر بمجرّد انتقاله من شخص إلى آخر
- أعراض جدري القرود
تتراوح فترة حضانة جدري القردة بين 6 أيام و16 يوماً، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يوماً.
ويمكن تقسيم مرحلة العدوى إلى فترتين كالتالي، فترة البداية (صفر يوم و5 أيام)، ومن سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
ثم فترة ظهور الطفح الجلدي في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى، والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
ويكون وقع الطفح أشدّ ما يكون على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين (75%)، ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات بقعية إلى حويصلات صغيرة مملوءة بسائل وبثرات يلزمها 3 أسابيع لكي تختفي تماماً.
ويُصاب بعض المرضى بتضخّم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القرود عن سائر الأمراض المماثلة.