رواية ممن عاش تفاصيلها, تفاصيل مجزرة الطحين بغزة, روى شهود عيان ما عايشوه من مشاهد مروعة في أثناء هجوم الاحتلال الإسرائيلي على قافلة مساعدات بقطاع غزة، الخميس 29 فبراير/شباط 2024، والذي أسفر عن مقتل وإصابة المئات، وذلك في تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية، السبت 2 فبراير/شباط 2024.
الحرب على غزة 2024
حيث قال محمد الشولي، الذي ظل منتظراً طوال الليل كي يتمكن من جلب بعض الطعام لعائلته: “رأيت أشياء لم أتصور أنني سأراها يوماً. رأيت أشخاصاً يسقطون على الأرض بعد إطلاق النار عليهم، وآخرون حملوا ما حصلوا عليه من غذاء واستمروا في الركض للنجاة بحياتهم”.
وأضاف الشولي أنه وسط الفوضى وإراقة الدماء، دهست شاحنات المساعدات بعض الأشخاص.
وقال الشولي، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 34 عاماً، إنه ذهب لانتظار القافلة، لأنه وأسرته، التي تضم ثلاثة أطفال صغار، كانوا يعيشون على البهارات والقمح المفروم وما يجدونه من الخضر البرية.
وكان قد سمع الأربعاء 28 فبراير/شباط، أن الناس حصلوا على أكياس طحين من شاحنات المساعدات، ودارت شائعات عن وصول قافلة أخرى. فذهب إلى دوار مروري مع أصدقائه لانتظارها، إلا أنه لم ير قط هذا العدد من الناس مجتمعين في مكان واحد.
وقال الشولي في مقابلة هاتفية، متحدثاً عن الدبابات الإسرائيلية: “قبل وصول الشاحنات مباشرة، بدأت دبابة بالتحرك نحونا- كانت الساعة نحو الـ3:30 صباحاً- وأطلقت بضع طلقات في الهواء. وأطلقت قذيفة واحدة على الأقل. وكان الظلام قد حل، فركضت نحو مبنى مدمر واحتميت به”.
إقرأ المزيد: قيس: الغاز في بحر غزة يقدر بنحو 1.4 تريليون قدم مكعب
وقال محمد حمودة، وهو مصور في مدينة غزة، إنه حين وصلت الشاحنات بعد فترة وجيزة، “ركض الناس نحوها ليحصلوا على الطعام والشراب وأي شيء آخر يمكنهم الحصول عليه. ولكن حين وصل الناس إلى الشاحنات، بدأت الدبابات بإطلاق النار مباشرة على الناس”.
وقال شهود إن الدبابات الإسرائيلية ظلت تطلق النار على الناس حتى حين بدأوا بالفرار. وواصلت القوات الإسرائيلية إطلاق النار على سكان غزة بين الساعة الـ3 والـ4 صباحاً، حين وصلوا في البداية، حتى نحو الساعة الـ7 صباحاً.
واقعة مجزرة الطحين بغزة
وقال حمودة إنه رغم الذعر في مكان الحادث، كان كثيرون لا يزالون يتقدمون نحو الإمدادات. وأضاف: “كان الناس مرعوبين، ولكن ليس جميعهم. بعضهم جازفوا بحياتهم لمجرد الحصول على الطعام. يريدون أن يعيشوا فقط”.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “الإبادة الجماعية”.
تفاعل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي عربياً وعالمياً مع مقتل ما لا يقل عن 112 فلسطينياً، وإصابة 760 شخصاً في مدينة غزة، أثناء محاولتهم ظهر الخميس 29 فبراير/شباط، الحصول على مساعدات شمالي قطاع غزة.
فلسطين بلس – عاجل بلس الإخباري
الجيش الإسرائيلي قال إن الدبابات المتواجدة في المنطقة “أطلقت طلقات تحذيرية” لكنها “لم تطلق النيران على الشاحنات”، مضيفاً أن عدداً كبيراً من القتلى تعرضوا للدهس.
ورفضت حماس رواية إسرائيل، قائلة إن هناك أدلة “لا يمكن إنكارها” على “إطلاق النار بشكل مباشر على المواطنين”.
وتوالت ردود الفعل الدولية والعربية الغاضبة تعليقاً على ما قيل بارتكاب الجيش الإسرائيلي ما وصفه البعض بـ”مجزرة الطحين”.
تصدر عبر موقع إكس، هاشتاغ “مجزرة الطحين”، وهاشتاغ “مجزرة شارع الرشيد” قائمة الأعلى تداولاً بمئات الآلاف من التغريدات، وعبر المستخدمون عن استنكارهم ورفضهم لاستهداف المواطنين المدنيين.
تقول المغرّدة فريدة إبراهيم “مجزرة دوار النابلسي بأي لغة نقولها؟ نصفها؟ ماتوا جوعاً، كيف هي جنة من ماتوا جوعاً؟ كيف هو جحيم من قتلهم ومن خذلهم؟
وتزامنت حادثة الرشيد مع تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في قطاع غزة منذ بدء الحرب الـ30 ألفاً.
وقالت حركة حماس إن المفاوضات التي تجريها “ليست عملية مفتوحة على حساب دماء الفلسطينيين” وذلك رداً على حادثة دوار النابلسي.
وحملت الحركة إسرائيل تبعات أي فشل للمفاوضات الجارية ما دامت “تُمعن في ارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني”، معتبرة أن “ما حدث يأتي في إطار حرب التجويع الساعية لـتهجير سكان القطاع.”
وبينما يقول البيت الأبيض إن مقتل أكثر من 100 فلسطيني في هذا الحادث في غزة، سيدفع بالمحادثات قدما، إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يرى أن الحادث “قد يُعقّد المفاوضات”.
وقد صوتت الولايات المتحدة ضد قرار في مجلس الأمن يحمل إسرائيل مسؤولية الحادث.
من جانبه أكد القيادي في حماس، عزت الرشق، أن الحركة الفلسطينية أكدت للإدارة الأمريكية وللوسطاء أنّ المفاوضات “ليست عملية مفتوحة”.
وأضاف الرشق في بيان نُشر على تلغرام أن حماس لن تسمح بأن يكون مسارها الذي تسعى من خلاله لإنهاء معاناة الفلسطينيين، “غطاء لاستمرار العدو في جرائمه بحق شعبنا في قطاع غزة”.
تفاصيل مجزرة الطحين بغزة
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الحادث الذي وقع الخميس، “من الممكن أن تستفيد منه واشنطن لتكثيف الضغط على إسرائيل لتقييد نشاطها العسكري والموافقة على تسوية سريعة”.
ومع ذلك، فإن السيناريو “الأكثر تشاؤماً” وفق عاموس هاريل، المحلل العسكري بالصحيفة الإسرائيلية، هو أن إسرائيل “قد تواجه مطلباً دوليا شاملا وأكثر إصراراً بوقف إطلاق النار دون التوصل إلى حل، ولو جزئيا، لرهائنها”.